محمد ابو الغيط يكتب عن اسطورة "الجيش بيحارب في سيناء عيال بشباشب"
عن أسطورة "الجيش بيحارب في سيناء عيال بشباشب"
الجملة دي من أبرز النماذج على ان فيه عبارات لا تستند لأي معلومة أو واقع لكن من كتر التكرار والزن تتحول حقيقة مع انها هجص تماما!
..
في البداية عندنا فرشة عامة إن البنية التحتية للتنظيمات المسلحة في سيناء قديمة جدا، لانه سيناء أصلا بفعل اتفاقية كامب ديفيد كان عليها قيود تسليح كبيرة، خاصة المنطقة ج اللي فيها حظر كامل لقوات الجيش ويشغلها فقط قوات الشرطة المدنية بتسليح خفيف وقوات الأمم المتحدة، وبالتالي تحولت لمكان آمن لمهربين وجنائيين وتكفيريين - تكفيريين بالمعنى الحرفي، أنا زرت سيناء في 2012 باطار الاعداد لفيلم وثائقي وقابلنا شيوخ حكولنا عن التكفيريين في الجبل اللي بيكفروهم ويحرموا أكل ذبيحتهم أو الصلاة في مساجدهم وان الأمن سايبهم طول ما هما سايبينه.
والكل يفتكر تفجيرات 2004 في طابا وبعدها 2005 شرم الشيخ، على يد تنظيم التوحيد والجهاد اللي أنشأه خالد مساعد، وهو اللي تحول لاحقا إلى أنصار بيت المقدس الذي تحول لولاية سيناء.
ده غير تنظيمات أخرى زي مثلا تنظيم قليل الشهرة غريب الاسم "شبكة محمد جمال"، وده حرفيا الاسم اللي تم ادراجه بلائحة وزارة الخارجية الأمريكية للإرهاب، وده راجل من الرعيل الأول، اتدرب في أفغانستان بالثمانينات، ورجع مصر تولى منصب القائد العسكري لتنظيم الجهاد (تنظيم أيمن الظواهري) وانضم لاحقا للقاعدة وأنشطة شبكته شملت انشاء معسكرات تدريب في ليبيا ومصر في سيناء تحديدا. الأمن المصري قبض عليه في نوفمبر 2012.
ده غير أثر مظلومية تاريخية لتهميش الأهالي خلت افراد ينضموا خاصة في البداية مش عن قناعة أيدلوجية بل ثأرا، أو بحثا عن مكانة، أو اشتروهم بالفلوس، أو لنزاعات محلية، وغيرهم لم ينضم لكن مش هيخاطر بحياته للمساعدة والإبلاغ.
...
خلينا في الجديد بقى، تعالو نجرب نعد كام ظابط جيش وشرطة منشق انضموا إلى أنصار بيت المقدس/ولاية سيناء؟
اللي أقدر افتكرهم:
1- هشام العشماوي طبعا.
ظابط الصاعقة الكفؤ ده هوا اللي كان مسؤول التدريب، وعمل لهم معسكرات في سيناء ثم في الصحراء الغربية لمقاتليه، اتدربوا على نفس أساليب الجيش المصري من شخص محترف يعني.
2- رفيق درب هشام وصديقه الأقرب هوا الظابط عماد عبدالحميد، اللي هوا برضه ظابط جيش صاعقة، ودوره بارز جدا في القيادة والتدريب، وهو من قاد بنفسه هجوم الواحات في غياب هشام في ليبيا.
3- الانتحاري اللي نفذ عملية محاولة اغتيال وزير الداخلية هوا كمان كان ظابط، الرائد وليد بدر.
4- اسم تاني مهم جدا هوا حنفي جمال، وده كان ظابط داخلية قوات خاصة على سن ورمح، وكان في الحراسة الخاصة للواء مدحت المنشاوي قائد قوات الأمن المركزي.
وحنفي جمال ده شخصيا هوا شخصيا - حسب الباحث ماهر فرغلي - كان قائد الهجوم على كمين البرث اللي استشهد فيه منسي الله يرحمه.
يعني يعتبر هو قاتل منسي.
صورته هيا المرفقة فلما تشوفه بدقن وكاسكيته ولابس لبس الصحرا في اصدارات داعش متتصورش ده شيخ درويش و"عيال بشباشب" ده ضابط قوات خاصة خبير وكان في الخدمة لحد 2014!
5،6،7،8- كان من باكورة عمليات حنفي جمال عملية "مكروباص حلوان" لما قتلوا كل المجندين والضباط به، وبعدها الداخلية لآول مرة للي يفتكر نزلت إعلان باسماء وصور الضباط المفصولين في هذه الخلية اللي كانوا مسؤولين عن العملية وكان مع حنفي: ملازم اول إسلام وئام، ملازم أول محمد جمال الدين، ملازم أول خيرت سامي، النقيب كريم حمدي.
9،10 – في 2018 ولاية سيناء نشر إصدار "سبيل الرشاد" ظهر فيه اتنين من ضباط الشرطة سالفي الذكر، ومعاهم اتنين آخرين عرفا نفسيهما انهما كانا ضابطي احتياط بالجيش أحمد محمود علي إبراهيم، وكريم عادل حافظ.
......
زاوية تانية مهمة جدا إننا مش مركز الكون والله.
الصعود الكبير لعمليات ولاية سيناء حصل بالتزامن مع الصعود الكبير لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، وهيا فعليا كانت دولة كاملة! دولة مساحتها بمرحلة ما تقريبا مساحة بريطانيا وسكانها 12 مليون نسمة، ومليئة بالخبرات العسكرية والمدنية، ودخلها بمرحلة ما كان 2-3 مليار دولار.
وتنظيم داعش بالطبع مش "عيال بشباشب" خالص، التنظيم قائم بشكل رئيسي على ضباط جيش صدام حسين اللي حصل تزاوج بينهم وبين السلفية الجهادية (القاعدة) فانتج هذا المسخ غير المسبوق، قمة التطرف الديني والعسكري معا، لعنتين في لعنة واحدة.
واللي قرأ تحقيق دير شبيجل عن الأب التنظيمي لدولة داعش "حجي بكر" وأساليبه القذرة في تحطيم المجتمعات المحلية بمناطق الثورة السورية بالجواسيس واغتيال القيادات الأهلية والرشاوى وتصعيد المجرمين وغيرها، لا يستغرب انه اصلا كان عقيد مخابرات جوية عراقية. نفس الأساليب!
هذه "الدولة" كانت مصدر دعم سواء بحرا عبر سوريا، أو برا من ليبيا، او عبر خلايا سلفية جهادية موالية لها في غزة، وبترسل مال وسلاح وأيضا خبراء تدريب ومقاتلين على أعلى مستوى من الخبرات.
(للمفارقة في احد اصدارات داعش ظهر أعضاء سابقين في حماس ليتوعدوا غزة وحركتهم السابقة ب "شلالات من الدم" وانهم سيزيلوا حكمها العلماني ويحكموا بشرع الله مكانها - التعاون ضد العدو الداعشي المشترك كان من أكتر ما أدى لتحسن العلاقات المصري الحمساوي.)
وخلينا نتجاوز هنا عن كل الأقاويل حول الدعم الضمني أو "التغاضي" الذي تلقته دولة داعش بدورها خاصة ببدايتها من أطراف عدة حتى أوشك الوحش أن يأكل من رباه.
....
فوسط الهلومة دي كلها ونادي الإرهاب الدولي اللي رايح التصفيات في سيناء، ييجي حد يقولك أصلهم "عيال بشباشب الجيش مش بيخلص عليهم ههههه" يبقى الواحد مش عارف يقوله ايه.
الحقيقة ان المستهدف أصلا كان احتلال سيناء على طريقة احتلال أجزاء من سوريا والعراق وليبيا، سيناريو مشروح في تنظيرات معلنة زي "إدارة التوحش" لأبوبكر الناجي عن استهداف مناطق الأطراف الشبيهة بسيناء، وعشان كده هجوم الشيخ زويد 2015 كان هدفه مش اضرب واجري بل السيطرة على المدينة ورفع العلم الأسود ولو نص ساعة، على أمل ان القاهرة والاسكندرية بالمستقبل تجد مصير الموصل والرقة، لكن الهدف فشل.
وفي النهاية ما تبقى هي عمليات العبوات الناسفة بجوانب الطرق والقنص واستهداف فردي للمدنيين المتعاونين، وهي تحدي معقد جدا لأي جيش، خاصة بفعل الطبيعة الجغرافية للمنطقة.
...
بالتأكيد مش معنى كلامي هوا قبول الوضع كغاية المراد، بالعكس طبيعي يكون المسائلة على قدر المسؤول، وبنتكلم هنا عن أكبر جيش بالشرق الأوسط، المصنف 9 عالميا بتصنيف جلوبال فاير باور الأخير، وبالتأكيد حصلت أخطاء جسيمة على كل الأصعدة العسكرية والسياسية بادارة الملف، وخاصة في فترة اللواء أحمد وصفي الذي جمع الفشل العسكري واستغلال النفوذ واساءة معاملة المجندين - لسه صديق خدم في الجيش بيقولي احمد وصفي كان ماشي في المعسكر لقى عسكري في وشه راح سجنه 90 يوم
وبشكل عام تظل الرقابة والمعلومات منقوصة لا فيه حرية صحافة ولا بحث ميداني - ربنا يفرحنا بحرية اسماعيل الاسكندراني عن قريب - ولا مجالس محلية منتخبة، ولا آليات سياسية معلنة لتقييم تحقق المستهدفات.
ويظل الاطار العام في الصورة الكبيرة قائم وهو رفض الاستغلال السياسي لقضية وطنية، مهو الشهيد المنسي ربنا يرحمه أكيد ملوش علاقة بتعديل الدستور لتمديد فترات الرئاسة أو حجب المواقع أو سجن شادي أبوزيد..الخ
لكن كل ده ملوش علاقة بترسيخ أسطورة "عيال بشباشب" دي. الخصم قوي جدا ومدعوم جدا.
وربنا يرحم منسي وكل اخواتنا الشهداء اللي كانوا أقوى من التحدي..
تعليقات
إرسال تعليق