السطر الشعري حينما يكون مفارقا | محمود الغيطاني
لعل الشاعر عصام أبو زيد يكاد يكون من الشعراء القلائل جدا في جيله الذين يمتلكون سطر شعريا فيه الكثير من المفارقة اللفظية التي تُحيل إلى معنى مختلف تماما عما يبدو من ظاهره، بل وتحيل القارئ كذلك إلى قدر ليس هينا من الدهشة، التي تجعله يُعيد قراءة السطر الشعري مرة أخرى، قد تتوالد منها مرات أُخر. وربما كان هذا واضحا للوهلة الأولى في اختيار عناوين قصائده ودواوينه، ففي ديوانه السابق الصادر عام 2012م، نراه يُطلق على ديوانه "كيف تصنع كتابا يحقق أعلى المبيعات"، ولعلنا إذا ما تأملنا هذا العنوان، وجدناه يتجرد تماما من الجملة الشعرية التي قد تجذبك، فهو عنوان حيادي، لا يمكن أن يحيلك إلى معنى شعري مطلقا، ولكن بالرغم من هذا نرى أن هذه العناوين الحيادية تماما تكاد تكون من أهم ميزات الشاعر عصام أبو زيد فيما يكتبه؛ لأنها تبعده عن النص الشعري؛ مما يجعله قادرا على التأمل بعمق في المعنى الذي يريد أن يقوله دون تورط حقيقي مع النص/ القصيدة التي يُقدمها؛ ولذلك كان عنوان ديوانه الجديد " أكلت ثلاث سمكات وغلبني النوم" أكثر مفارقة، وأدعى للتوقف أمامه كثيرا، مما يستدعي داخل القارئ الكثير من