صدمة العفو.. الإخوان أولاً | محمد طعيمة

صدمة العفو.. الإخوان أولاً

محمد طعيمة
كان المربيان الفاضلان، فاطمة عبدالهادي وإبراهيم عراقي، ينتظران قدوم الشهر الكريم على أحر من الجمر، فزهرة عمرهما، محمد، طالب الدراسات العليا بجامعة الزقازيق، سيرى نور الحرية بعد عام ونصف العام سجنا، بتهمة "محاولة قلب نظام الرئيس محمد مرسي".
... "وردد مع آخرين مجهولين هتافات مُناهضة للنظام الحاكم"، عبارة تكررت مرارا في حيثيات إدانة محمد إبراهيم عراقي، أمين شباب حزب الكرامة في محافظة الشرقية، "المصري الوحيد" المُدان بمحاولة قلب حكم الإخوان.
محمد عراقي، اسم يعرفه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومنه وصلت رسائل للأم، بأن ابنها سيفطر معها أول أيام رمضان، وربما يلتقيه كترضية عن فترة سجنه. الأم اطمئنت للرسائل.. لثُقل حامليها، والأهم.. لأن الرئاسة، ذاتها، اتصلت بها لتستفسر عن تفاصيل القضية.
حاملو الرسائل لا يعرفون الحاجة فاطمة، لكنهم تطوعوا لدعمها عندما عرفوا مأساة "المصري الوحيد المُدان بمحاولة قلب نظام الإخوان". منهم كُتاب وكاتبات، كُبار، يحترمهم الرئيس، كتبوا وخاطبه بعضهم وجها لوجه، وشخصيات مؤثرة في مطبخه.
عراقي، بدأت مأساته عندما حاول إنقاذ مُتظاهرة من أيدي الإخوان أمام منزل مرسي، عصر 2 مارس 2103، فأمسكوا به وسلموه للشرطة، حبسته النيابة 4 أيام ثم أفرجت عنه بكفالة، ليواصل نشاطه الرافض للإخوان، مع 35 مليونا، منهم رئيس الجمهورية، والإمام الأكبر، وبابا الإسكندرية، وقادة الجيش، والشرطة والإعلام والقضاء، وغالبية السياسيين الساحقة. عقب عزل مرسي، فاجأه ضابط عرفه من مظاهراته ضد الجماعة الإرهابية، بـ"عليك حكم غيابي خمس سنين، ابقى روح اطعن"، وتركه ومشى.
تقول الأم: "اعتقدنا بعد نجاح ثورتنا الثانية أنه سيُكرم. طالب متميز، لدي شهادات تقدير له، بعضها مُوقع من وزير الشباب، خالد عبدالعزيز، سبتمبر 2013، أي بعد المظاهرة محل الاتهام بستة أشهر، وأخريات من الجامعة. كان يُجهز دبلومة التربوي، ليبدأ حياته مدرسا للغة العربية، فالأسرة كلها تربوية، أنا وكيلة مدرسة، والأب موجه تربية موسيقية، وأخت محمد الوحيدة مدرسة عربي، والجد والأخوال والخالات".
خُفف الحكم من خمس إلى ثلاث سنوات، وبدأت رحلة وجع المُعلمة الفاضلة، بلا دعم حزب أو منظمة حقوقية، فالأب مُعاق، كان محمد يده ورجله، فوفق شهادة طبية من مستشفى جامعة الزقازيق، "يعاني كسرا غير ملتئم بعظمة العضد اليسرى، مع فقدان جزء من ذات العظمة، وجزء من مفصل الكوع الأيسر".
كنت إحدى أدوات الأم، استفزني تجاهل دكاكين الحقوقيين لعراقي، ربما لأنه لم ينشط في وسط القاهرة، والمؤكد لأنه لم يكن يهتف ضد الجيش. وتحمست أكثر لفصل والدته، بحسم، بين ظلم ابنها وبين قضية الإخوان. رفضت إلحاح "الجزيرة"، وإغراءاتها، لاستغلال قضيته، وحين أصرت القناة القطرية على استخدام صورة لها ترفع فيها صورته، أصدرت بيانا تتبرأ منها، وتجدد موقف ابنها الرافض للاحتلال الإخواني والداعم لـ30 يونيو، أو حسب رسالة منه وصلت الاتحادية: "هو أنا لو شاهدت حد بيحاول يغتصب أمى وأنقذتها... هل أكون مجرمًا؟ حاول الإخوان اغتصاب مصر، فدافعت عنها".
عايشت مساعي العفو عنه، خاصة، وعن شباب وشابات عرفوا السجن، شططا... لا عنفا، حلما بوطن أفضل... لا كُرها له. وجاءت "الصدمة"، فالغالبية الساحقة من المعفي عنهم إخوان أدينوا بممارسة العنف، في اقتحام جامعة الأزهر وقطع طرق ومقاومة السلطات وحرق كنائس ومنشآت شرطية وقضائية، بعد عزل الشعب لجماعتهم. وغاب عراقي وبنات الاتحادية والنُشطاء المدنيين الذين وعد السيسي، مرات، إحداها في خطابه الشهري الأول، بالعفو عنهم.
جهة ما تنشط لعزل الرئيس عن داعمي "مصر الجديدة"، فرسالة العفو تقول لمن بقي في تحالف 30 يونيو، ولكل القوى المدنية: "لستم على جدول أعمالي".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فك باص اوبو A53 ببوكس ايزي جتاج

ذلك العاشق الذي لم ييأس!! قراءة في "ديوان أميرة الوجد" لفراس حج محمّد إبراهيم جوهر*/ القدس الشريف