بن نايف.. و"الدولة الرابعة" | بقلم: محمد طعيمة

بن نايف.. و"الدولة الرابعة"


أشاهد الاعلام الرسمى السعودي، الموجه للداخل، منذ رحيل الملك عبدالله، وكثفت متابعته بعد مذبحة القديح. ما رأيته مختلف عن انطباعاتنا القديمة، عماده اخفاء الخطاب الطائفى لصالح "النسيج الواحد واللحمة الوطنية"، الجديد هو مؤشر فارق على توجه "الدولة" القادم، بتعلية خطاب المواطنة والدولة القومية.
هناك من استثمر جريمة مسجد القديح، ايجابيا و"دولتيا". على الاخبارية السعودية ظهرت وجوه شابة مع أولى تغطيات المذبحة، من رجال دين وأكاديميين وصحفيين، يعزفون مع مذيعين لديهم تكليف. يتمنونه، يُلح على أن "الاسلام ليس مذهبا واحدا، والانتماء لمذهب محدد لا يعنى انه الحق.".. والنظام الأساسى (الدستور)، لا يفرق بين عشيرة أو منطقة أو طائفة.. وأخري، والجميع أمام القانون سواء".مقارنة، من المذيعة، بين ادارة مجتمعات الغرب لتناقضاتها، وبين وصولها "عندنا" الى صدام دموي؟ يُجيبها الضيف بانها مشكلة اجتماعية وثقافية سعودية، وعلينا: "تربية أطفالنا على أن تعدد الطوائف هو من طبائع الأمور، كل واحد مذهبه بينه وبين ربه، ولكل مواطن نفس الحقوق والالتزامات". عبارات مما يرددها دعاة الدولة المدنية، بمفردات "أخف". انتقاد لتوظيف الاخوان والخومينى للدين فى السياسة، وللمنظومة التعليمية، وتلميحات سلبية للخطاب الدينى ووضعية المرأة. ومطالبة بفتح منافذ تعبير شرعية للشباب.. "لتخفيف اقبالهم على مواقع التواصل". ومناشدة بتفهم غضب من فقدوا ذويهم وعدم الرد عليهم. ان اشتطوا.التليفزيون يغطى "مسيرات" أهالى الضحايا، وزادت التغطية مع "انضباط" المظاهرات وحصر شعاراتها فى "لا للارهاب. لا للتحريض الطائفي"، فى مشهد تنظيمى يستحضر ميدان التحرير فى أيامه الـ 18 الخالدة، والانضباط الوطنى لأقباطنا.وُصف الشيعة بـ "مسلمين"، والضحايا.. بـ "شهداء. واستشهاد"، وحسينيتهم. بـ "مسجد ودار عبادة اسلامية"، كما فعل الملك فى بيانه شديد اللهجة، الذى تعهد فيه بملاحقة من خطط وتعاون ونفذ و"تعاطف". البيان صادر عن الديوان الملكي، الذى أعلن رسمياً، 30 أبريل الماضي، أنه وديوان ولى العهد، محمد بن نايف، سيُدمجان فى جهاز واحد.
أتحدث عن تجربة لها سياقها التاريخي، دولة ومجتمعا، لا هى مصر ولا فرنسا. سياق هاجمت ماضيه، وتداعياته، مطولاً فى كتابي "فقه التلون. خيانات الاخوان المسلمين".بن نايف كان من أول المُعزين فى القديح. الثلاثاء الماضي. وباسم الملك.. زار المصابين، وتلته وفود شعبية سنية، ربما بتوجيه رسمي. وخاطب شقيقه سعود، أمير المنطقة، أهل الضحايا: "الشهداء لنا جميعاً، الدم يمتزج بالدم، نُعَزى بالشهداء كما تعزون، وكما تتألمون نتألم". حتى لو كلمات بروتوكولية، خطاب "المساواة" بين الطائفتين يُناقض أُسس بناء الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة. ولى العهد، استوعب اتهام مواطن للحكومة بالتقصير وبأنها "شريكة فى هذا الجُرم"، وطالبه بأن "يقف الجميع مع الدولة.. التى ستكون للجميع". وتكرر بث فقرة الاتهام ليومين. محمد، أراه الأكثر فهما للظاهرة الدينية، وتداعياتها الجهادية، بين المسؤولين العرب. أجاد التعامل معها بطرق متنوعة، فحاولت اغتياله 3 مرات، أبرزها بـ "جهادى مُفخخ".هو شريك فى كل سلبيات التجربة السعودية، كما يراها دُعاة الدولة المدنية، منذ انضمامه لمطبخ قرارها، لكنى سمعت، منتصف يونيو الماضي، أمام شخصيات عامة، تقديرا له كـ"رجل دولة"، ولـ "حُسن معاملته" لمعتقلى دُعاة" الملكية الدستورية"، من أحد رموزها. مناضل تاريخي، مثله تعاطفت مع تجربة عبدالله الاصلاحية، وراهنت على تقدمها مع ابنه متعب.هذا المناضل، أصيب، قبل سنوات، بنوبة قلبية حادة بعد منع سفر موجع انسانياً، بقرار من والد محمد، نايف، وكان الابن نائبه وساعده الأيمن.رجل دولة، ربما سعى لتوافق ما مع متعب، أرى مؤشراته ماثلة. حين يتم، لن يُدهشنى أن نُعايش تحولا تاريخيا فى علاقة الرياض بالوهابية.. فكرة ومؤسسة، وارهاصات دولة رابعة.. أقرب للمدنية.
الأهرام المسائى
السبت 30 مايو 2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فك باص اوبو A53 ببوكس ايزي جتاج

ذلك العاشق الذي لم ييأس!! قراءة في "ديوان أميرة الوجد" لفراس حج محمّد إبراهيم جوهر*/ القدس الشريف