لماذا انتحرت فرجينيا وولف؟ محمد عيد إبراهيم

لماذا انتحرت فرجينيا وولف؟
محمد عيد إبراهيم

فرجينيا وولف (1882 ـ 1941): روائية إنجليزية من أبرز وجوه القرن العشرين. تعلّمت منزلياً بمكتبة والدها، ثم تزوّجت الناقد ليونارد وولف 1912، وقاما بتأسيس دار نشر "هوجارت" 1917. ولم تكن تركّز على الحُبكة أو التشخيص برواياتها، بل على الأفكار والمشاعر، بالرمز والشعر والصور البصرية، وهو ما عرف فيما بعد باسم "تيار الوعي" الذي تُعتبر أول من أسّست له كظاهرة أدبية. من رواياتها: نزهة (1915)، نهار وليل (1919)، غرفة يعقوب (1922)، مسز دلاواي (1925)، المنارة (1927)، الأمواج (1931)، السنين (1937)، وآخرها "بين فصلين" (1941). عانت فرجينيا طويلاً من اكتئاب وذُهان، حتى أنها لم تكن ترضى بالنوم مع زوجها قط، وهو ما سبب مشاكل عدة بينهما، إلى أن أغرقت نفسها في نهر أوز 1941. وبعد وفاتها قام زوجها بتحرير معظم كتبها. 
وقد تعرّضت وولف لمصادفات موت عجيبة: فقد ماتت أمها وهي في الثالثة عشرة، ثم أختها غير الشقيقة وهي في الخامسة عشرة، ثم أبوها وهي في الثانية والعشرين، ثم أخوها توبي وهي في الرابعة والعشرين، كما أُصيبت أختها بلوثة فاحتُجزت بمصحة عقلية. كما اغتصبها أخوها في سن مبكرة. وربما أدّت هذه المصادفات جميعاً إلى انهيارات أعصابها المتكرّرة، مما حدا بها إلى إنهاء حياتها بيدها في النهاية. وقد تركت رسالة انتحارها، ثم سارت نحو منتصف النهار إلى نهر "أوز" وملأت جيوبها بالحجارة، وبرغم معرفتها السباحة فلم تفعل شيئاً لتنقذ نفسها. وكانت ميتة فظيعة. فقد أخذها التيار لبعيد، وبعد ثلاثة أسابيع عثر صِبية على ما ظنّوه في البداية جِذعاً مُعشباً يطفو على الماء. وقام زوجها بإحراق جثّتها وكتب على القبر آخر عبارة من روايتها "الأمواج": 
"سأقذف نفسي أمامكَ 
غير مقهورةٍ أيها الموت، 
ولن أستسلم!" 
ونترجم هنا نص الرسالة التي تركتها لزوجها، قبلما تتجه إلى النهر وتنهي حياتها: 
(عزيزي، 
أحس أني 
سأُجنّ ثانية: أحس أننا لن نحتمل 
مكابدة المزيد من هذه الأوقات العصيبة. 
فلن أُشفى هذه المرة. بدأت 
أسمع أصواتاً، ولا أستطيع التركيز. 
لذلك سأفعل ما يبدو أنه أفضل ما أفعله. لقد 
منحتني 
أكبر سعادة ممكنة. فعلتُ 
بكل وسيلة ما يستطيع أي امرئ 
أن يفعله. لا أظنّ اثنين
عاشا معاً أسعد منا حتى 
هلّ هذا المرض اللعين. لم أعد أستطيع 
محاربته، أعرف أنني 
أُفسد حياتكَ، حتى أنه من دوني 
ستقدر على العمل أفضل. وأنت من أعرفه. 
فترى أني لا أكتب هذا بشكل صحيح. 
لا أستطيع القراءة. ما أريد قوله 
إني أدين بسعادة حياتي كلها إليكَ. 
فقد كنت صبوراً معي 
وطيباً بما لا يُصدق. أريد قول ذلك ـ 
كل امرئ يعلمه. لو استطاع أحد 
أن ينقذني فستكون أنت. 
كل شيء راح مني عدا 
توكيدي على طيبتك. لا 
أستطيع على الدوام أن أُفسد حياتكَ. لا أظنّ اثنين 
عاشا معاً أسعد منا. 
ف.)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فك باص اوبو A53 ببوكس ايزي جتاج

ذلك العاشق الذي لم ييأس!! قراءة في "ديوان أميرة الوجد" لفراس حج محمّد إبراهيم جوهر*/ القدس الشريف